حدائق اللغات والعلوم الإنسانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حدائق اللغات والعلوم الإنسانية

منتدى تعليمي أدبي تربوي تثقيفي
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التعجب ودلالاته

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مصطفى بن الحاج

مصطفى بن الحاج


عدد الرسائل : 6067
العمر : 60
المنطقة : السوقر ولاية تيارت
المهنة /مكان العمل : أستاذ اللغة العربية و آدابها/ثانوية قاديري خالد
تاريخ التسجيل : 27/04/2008

التعجب ودلالاته Empty
مُساهمةموضوع: التعجب ودلالاته   التعجب ودلالاته I_icon_minitimeالجمعة 12 نوفمبر 2010 - 12:13

التعجب ودلالاته
د . منصور علي عبد السميع




ينطلق عملنا من تعريف النحاة للتعجب, إذ تعريفهم له هو الكاشف عن فهمهم لدلالاته, وما يحيط بها, وهو سبب – فيما أرى – لاختلافهم كما سنرى بعدُ.
يشير ابن السراج في تعريفه للتعجب إلى أنه «مما لا يُعرف سببه, فأما ما عُرف سببه فليس من شأن الناس أن يتعجبوا منه, فكلما أبهم السبب كان أفخم, وفي النفوس أعظم»(24).


أما الجرجاني فيرى «أن التعجب من مواضع الإبهام والبُعْد من الوضوح والبيان, ألا ترى أن حقيقة قولك: أعجبني الشيء, أنك أنكرته فلم تعرف سببه ولم تأنس بنظائره, ولا يُتَعَجَّبُ إلا من الشيء الذي يتعدى حد أشكاله, ويبلغ مرتبة فوق مراتبها»(25).


وإن كان الرضى لا يغفل الجانب النفسي, فالتعجب عنده ناتج عن «انفعال يعرض للنفس عند الشعور بأمر يخفى سببه»(26), وعبر الكيشي عن ذلك بأنه «حالة تغشى الإنسان عند إدراك كمال مجهول السبب»(27).


أما ابن الخباز فقد كان أكثر دقة ووضوحا في تعريفه التعجب بأنه «معنى من المعاني التي تحدث في النفوس, وحقيقته إظهار الحيرة من شيء برع في خصلة على شركائه فيها, لخفاء سبب براعته فيها»(28).
أما ابن يعيش فينظر إليه من جهة مصدره , فيشير إلى أن «التعجب لا يكون إلا فيما قد ثبت واستقر حتى فاق أشكاله وخرج عن العادة, فلا يقال لمن أنفق درهما؛ ما أكرمه! ولا لمن ضرب مرة: ما أضربه! إنما يقال ذلك لمن قد(29) تكرر الفعل منه حتى صار كالطبيعة والغريزة»(30).


نخلص مما سبق إلى أن النحاة تنبهوا في تعريفهم للتعجب إلى عدة أمور, نوجزها فيما يلي:


1- الدلالة على التجاوز:

إذ يبدو للمتكلم أن موضوع العَجَب قد تجاوز مرتبة أمثاله, وتعدى حد أشكاله – في الحسن أو القبح مثلا – وحاول المتكلم أن يجد له تفسيرًا أو تعليلا, ثم يجده – رغم ذلك – ثابتًا مستقرًا على حاله من التجاوز والتعدي.


2- الإبهام:

وهو ما يحيط موضوع التعجب من غموض وبُعد عن الوضوح, إذ هو مما يُجهل سببه أو يغمض ويخفى على المتعجِّب, بسبب ما فيه من تجاوز أمثاله, وعلى حد تعبير الجرجاني أنه لم يؤنس بنظائره.


3- الحيرة:


وهي ما يعرض للمتكلم, وقد عبر عنه الرضى بالانفعال والكيشي بالحالة, وعبر عنه ابن الخباز بمعنى يحدث في النفس, وهو في ذلك أكثر دقة إذ يربط بين الجانب النفسي والجانب اللغوي, فالجانب النفسي هو ما يعرض للإنسان فيسبّب دهشته وعجبه, والجانب اللغوي (اللفظي) الذي يظهر فيه المتكلم حيرته تلك وعجبه ودهشته, ويريد أن ينقله إلى غيره؛ منبها عليه بما فيه من إبهام وغموض, وتفخيم وتشويق.


ونستطيع- بصورة أولية – الربط بين ذلك ومفهوم العلامة اللغوية في صورتها البسيطة؛ الدال والمدلول:


- الدال: الصورة اللفظية للتعجب (التعبير عن الحيرة).
- المدلول: التصور أو الفكرة: (المعنى الذي يحدث في النفس – الحيرة).


ومن الطريف أن المتكلم قد نقل – في تعبيره – ما عرض له من إبهام إلى المتلقي؛ لينتظم معه في حيرته ودهشته وليصيبه هو أيضا – بدرجة ما – أثرٌ من هذا الإبهام.
وقد بدا ذلك في محاولات النحاة لتوصيف مكونات أسلوب التعجب وإعرابـها, وسـوف يعرض البحث لذلك في صورة التعجب القيـاسـيـة " ما أفعله " .
ولابد – قبل الانتقال إلى عرض محاولات النحاة تلك – من الإشارة إلى أن ما يعرض للمتكلم من حيرة أو انفعال مما يزيد وينقص(31).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التعجب ودلالاته
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حدائق اللغات والعلوم الإنسانية :: منتديات اللغة العربية و آدابها :: منتدى البلاغــــة والعروض-
انتقل الى: